عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
(يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل
الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) رواه البخاري. وعن أنس رضي الله
عنه قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الله قال : إذا
ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة ) رواه البخاري وفي رواية
للترمذي ( فصبر واحتسب ) .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يقول
الله سبحانه : ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا
دون الجنة رواه ابن ماجة حسنه الألباني .
معاني المفردات قبضت صفيه : أي أمتُّ حبيبه وصديقه المصافي من ولد أو والد
أو زوجة أو صديق أو نحو ذلك . حبيبتيه : عينيه وسماهما حبيبتين لأنهما أحب
الأعضاء إلى الإنسان . فصبر واحتسب : أي صبر مستحضراً ما وعد الله به
الصابرين من الأجر والثواب .
طبيعة الحياة الدنيا اقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه
الأرض مزيجًا من السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، واللذائذ والآلام ،
فيستحيل أن ترى فيها لذة غير مشوبة بألم ، أو صحة لا يكدرها سقم ، أو سرور
لا ينغصه حزن ، أو راحة لا يخالطها تعب ، أو اجتماع لا يعقبه فراق ، كل
هذا ينافي طبيعة الحياة الدنيا ، ودور الإنسان فيها ، والذي بيَّنه ربنا
جل وعلا بقوله : {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا
بصيرا }(الإنسان 2) .
ضرورة الصبر ولهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة ومصائب الدنيا ،
الصبر على الشدائد والمصائب ، الصبر الذي يمتنع معه العبد من فعل ما لا
يحسن وما لا يليق ، وحقيقته حبس النفس عن الجزع ، واللسان عن التشكي ،
والجوارح عن لطم الخدود ونحوها ، وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ،
وقد ذُكر في القرآن في نحو تسعين موضعاً - كما قال الإمام أحمد - وما ذاك
إلا لضرورته وحاجة العبد إليه .
أنواع الصبر والصبر أنواع ثلاثة صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها ،
وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها ، و صبر على الأقضية والأقدار
حتى لا يتسخطها ، وهذه الأحاديث القدسية في النوع الثالث من أنواع الصبر
وهو الصبر على أقدار الله المؤلمة .
عند الصدمة الأولى والصبر النافع الذي يترتب عليه الثواب والأجر ويؤتي
ثماره وآثاره في نفس العبد - كما جاء مصرحاً به في الأحاديث - هو ما كان
في أول وقوع البلاء ، بأن يفوض المؤمن أمره ويسلمه إلى أحكم الحاكمين
وأرحم الراحمين ، ويستسلم لأمره وقضائه ، فإن للمصيبة روعة تهز القلب ،
وتذهب باللُّب ، فإذا صبر العبد عند الصدمة الأولى انكسرت حِدَّتها ،
وضعفت قوتها ، وهان عليه بعد ذلك استدامة الصبر واستمراره ، وقد مر النبي
- صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر ، فقال لها : اتقي الله
واصبري ، قالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه ، فقيل لها :
إنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم
- فلم تجد عنده بوابين ، فقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة
الأولى ) رواه البخاري ، قال بعض الحكماء : " العاقل يصنع في أول يوم من
أيام المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام " .
وأما إذا تضجر وتبرم في أول الأمر ، ثم لما يئس صبر لأنه لم يجد خياراً
غيره ، فإنه يكون بذلك قد حرم نفسه من أجر الصبر وثوابه ، وأتى بما يشترك
فيه جميع الناس ، فلا فائدة من الصبر حينئذ . صبر واحتساب ولو تأملنا في
الأحاديث السابقة لوجدنا التركيز على قضية مهمة وهي قضية الاحتساب في
الصبر ، وذلك لأن يقين الإنسان بحسن الجزاء ، وعظم الأجر عند الله ، يخفف
مرارة المصيبة على النفس ، ويهون وقعها على القلب ، وكلما قوي اليقين ضعف
الإحساس بألم المصيبة ، حتى تتحول لدى النفس من المكاره إلى المحابِّ ،
وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : " ما أصبت ببلاء إلا كان لله عليَّ
فيه أربع نعم : أنه لم يكن في ديني ، وأنه لم يكن أكبر منه ، وأني لم أحرم
الرضا به ، وأني أرجو الثواب عليه " ، فجعل انتظار الثواب على البلاء من
أسباب تخفيفه ، ونقله من دائرة المصائب التي توجب الصبر إلى دائرة النعم
التي تستحق الشكر ، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله اليقين
الذي تهون معه المصائب ، فقلما كان يقوم من مجلس إلا ويدعو بهؤلاء الدعوات
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما
تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا رواه الترمذي .
وإذا كانت مقادير الله نافذة على العبد رضي أم سخط ، صبر أم جزع ، فإن
العاقل ينبغي أن يصبر ويحتسب ويرضى بقضاء الله حتى لا يحرم الأجر والمثوبة
، وإلا جرى عليه المقدور وهو كاره ، قال علي رضي الله عنه : " إنك إن صبرت
إيماناً واحتساباً ، وإلا سلوت سلو البهائم " ، وعزَّى رجلاً في ابن له
مات ، فقال : " يا أبا فلان إنك إن صبرت نفذت فيك المقادير ، ولك الأجر ،
وإن جزعت نفذت فيك المقادير ، وعليك الوزر " . وقد بينت هذه الأحاديث عظيم
الجزاء للصابرين المحتسبين ، وأن الصبر من أعظم أسباب الفوز بجنة الله
ورضوانه
الإثنين مارس 02, 2015 1:18 am من طرف الشامخ الكثيري
» دعــــاء
الأحد يناير 04, 2015 4:37 pm من طرف ريتاج
» شرح كيفيه دخول رومات الشات عن طريق برنامج النمبز nimbuzz من جهاز الكمبيوتر
الجمعة أكتوبر 12, 2012 7:01 am من طرف زمن المصالح
» توقف القلم
الخميس ديسمبر 22, 2011 1:26 pm من طرف دمعة فرح
» معلــــومه+صورة لنتشارك
الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 8:47 pm من طرف دمعة فرح
» رحيلك ياأمي
الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 6:41 am من طرف دمعة فرح
» اهنيكم بعيدنا الفطر السعيد
الثلاثاء أغسطس 30, 2011 9:43 am من طرف دمعة فرح
» حنظله غسيل الملائكه رضى الله عنه
الثلاثاء يوليو 19, 2011 5:28 pm من طرف دمعة فرح
» اي نوع قلمك ؟؟؟
الخميس يونيو 09, 2011 1:53 pm من طرف دمعة فرح
» ترويض الكلب ( قصيرة )
الإثنين مايو 30, 2011 6:56 am من طرف ماهر طلبه