هل سبق أن فكّرت مرة واحدة أن تكون متميّزاً بين أصحابك و زملائك ؟ هل سبق أنْ فكرت بالوسائل التي قد تتوّجك بهذا التميّز ؟
أستطيع أن أجزم بأنّ
الكثيرين منّا لم يفكروا بذلك . فقد يرغب كل واحد منّا أنْ يكون متميزاً
في محيطه ، و لكن قلائل منّا يفكّرون بالسبيل إلى ذلك .
لا تتوقع أنْ تكون متميّزاً
بين أصحابك و زملائك باستجماعك للنقود أكثر منهم ، أو بشرائك لسيارة فاخرة
هم يتمنون الحصول عليها . كما لا تتوقع على الإطلاق أن تكون أفضل منهم
بسبب الأناقة التي تمتاز بها دائماً ، أو القصور و العقارات التي تمتلكها
. فهذه الأشياء التي ذكرناها لا تميّز سوى مظهرك عن مظاهر هؤلاء الناس . و
المظهر إنما هو جزء صغير من شخصيتك المتشعبة و المتناهية في التعقيد ، مثل
جبل الجليد في وسط المحيط تماماً ، فالجزء الذي تراه طافياً فوق سطح الماء
، و إن بدا لك كبيراً و ضخماً ، فهو ليس سوى جزء صغير من قامته الكبيرة
المتناهية في الضخامة و التي تختفي عن نظرك في أعماق المحيط . شخصيتك
أيضاً هي هكذا بالضبط ، فمظاهرك و إنْ بدت للناس مقياساً على جمال شخصيتك
و قوتها ، و لكنها في الواقع ليست كذلك على الإطلاق ، و سيكتشف الناس هذه
الحقيقة بمنتهى السهولة حينما يتعاملون معك و يسبرون غورك عن كثب . إنّ
قوة الشخصية و جمالها يكمنان في جوهرها ، ذلك الجزء الذي يأخذ نصيب الأسد
من شخصيتك ، و الذي يطفو إلى السطح ريثما يبدأ الناس بالتعرف عليك عن قرب
و التعامل معك ، و هذا الجوهر بحاجة ماسة إلى لمسات سحرية تضفي عليه
عنصرَي الرقي و الجمال ، و لينعكس بعد ذلك على كامل شخصيتك بين أصحابك و
زملائك .
إنّ مثل هذه الحقيقة ، قلما
ينتبه إليها العوام من الناس ، و أحياناً كثيرة تمرّ مثل هذه الحقيقة على
أصحاب الشهادات أيضاً مرور الكرام . و كي لا أسهب في حديثي كثيراً ، أريد
أن أقول لك أنّ هذه اللمسة السحرية تتأتى من اقتنائك للمعرفة الإنسانية ،
حيث هي الأداة الوحيدة لتوسيع مدارك العقل البشري و إثراء تجربته
الإجتماعية . و بذرة هذه المعرفة هي القراءة المستمرة و المطالعة
المتواصلة في مختلف مجالات العلم و المعرفة . و هكذا فإذا أردت أنْ تكون
متميزاً بين الناس فعليك أنْ تقرأ و تقرأ دون توقف . و لكن يجب عليك أنْ
تنتبه ، فالقراءة بحدّ ذاتها ليست هي الغاية ، و إنما هي فقط وسيلة توصلك
لغاية أسمى ، ألا و هي المعرفة الإنسانية التي تحدّثنا عنها ، و يجب عليك
أنْ لا تنسى ذلك في كل مرة تقرأ فيها كتاباً أو تطالع مقالة أو نصاً
كتابياً . و حتى يكون بمقدورك أن تطبق هذه الخطوات بنجاح فعليك أن تتعرف
على طرق القراءة الناجحة ، و التي لا يمكن لك من غيرها أن تكون قارئاً
محترفاً تضفي بالقراءة على شخصيتك عنصرَيْ الرقي و الجمال ، و تجني من
ورائها جبالاً من المعلومات المتنوعة و تجتذب قدراً واسعاً من اهتمامات
الناس . و لكن قبل أن نأتي على ذكر هذه الطرق ، ينبغي لنا أن نعرف مهمتنا
الرئيسية في قراءتنا لأيّ نص أو مقالة أو كتاب . فلنا في قراءة كل نص
كتابي مهمة تختلف عن الأخرى ، و هذه المهمات تنقسم إلى أربعة أنواع :
1) قد تكون مهمتك من قراءة
النص هي الحصول على جواب لسؤال معيّن يشغل بالك ، و قد تحتاج في ذلك الوقت
إلى قراءة أكثر من نص واحد حول هذا السؤال .
2) قد تكون مهمتك هي إلقاء نظرة عامة على موضوع معين حتى تستعد لخوض دراسة متعمقة حول ذلك الموضوع .
3) قد تكون مهمتك هي الحصول على المعلومات حول موضوع معيّن لا تعرف عنه الكثير.
4) أو قد تكون مهمتك هي إضافة معلومات جديدة إلى معلومات قديمة تمتلكها حول موضوع معيّن .
على أية حال ، مهما تعددت
المهمات في القراءة فطرق القراءة الناجحة تبقى هي نفسها ، و هي طرق عالمية
، اتفق عليها الكثير من الخبراء في هذا المجال ، و هي قبل كل شيء طرق
مجربة قبل أنْ تكون معقولة ، و لستَ مضطراً أن تستعمل كلها أثناء قراءتك
للنص الواحد ، و إنما يمكنك أن تختار لنفسك بعضاً منها حسب رغبتك . و هي :
الطريقة الأولى : (قرر أن لا تتشنج أثناء القراءة)
هذه الطريقة إجبارية ، لا
خيار لك في استعمالها ، و معنى ذلك أنه لا يجوز لك أن تحكم على الموضوع
مسبقاً قبل أن تقرأ وجهة نظر الكاتب ، و تستمع إلى حججه و دلائله . يجدر
بك أنْ لا تفعل ذلك حتى و إنْ كان لك رأي مسبق حول الموضوع ، أو كنت
متأكداً أنك لن تغير مفاهيمك حول الموضوع . كما يجدر بك أن لا تقرأ
الموضوع و أنت قد قررت مسبقاً أنك لا تغير رأيك فيه . عليك أنْ تضع نفسك
موضع الكاتب و تقرأ النصص بهدوء تام بعيداً عن التشنج و التهيج.
الطريقة الثانية : (قراءة النص باستعمال طريقة الإلتقاط)
هذه الطريقة إختيارية ، حيث تتضمن طريقة الإلتقاط قراءة النص مع التركيز على إنجاز هذه الخطوات :
- التعرف على مضمون النص.
- التعرف على الفكرة الرئيسية للنص.
- استكشاف مدى أهمية النص.
- استكشاف مدى حاجتك إلى معلومات النص لتوسيع مداركك.
و هذا بطبيعة الحال يكون عن طريق التركيز على كل من :
- عنوان النص.
- عناوين الفصول.
- الملخصات التي كتبها الكاتب ، إنْ وجدت.
- الفقرة الأولى و الأخيرة من النص.
- العبارة الأولى و الأخيرة من كل فقرة.
و إذا كان النص الذي تقرأه عبارة عن كتاب ، فيمكنك أن تلقي نظرة فاحصة على هذه الأجزاء أيضاً :
- معلومات حول الكاتب و تفاصيل الطباعة و النشر.
- صفحة المحتويات.
- المقدمة أو المدخل.
- دليل الكتاب.
بهذه الطريقة يمكنك أن تقرر مدى أهمية النص الكتابي و تكتشف حجم الفائدة التي تلقيتها منه أثناء القراءة.
الطريقة الثالثة : (قراءة النص باستعمال طريقة التوقّع)
هذه الطريقة إختيارية ، و
بها تستحضر في ذهنك كل ما تعرفه مسبقاً عن موضوع النص ، و ماذا تريد أن
تعرف عن الموضوع من خلال هذا النص . عندما تقوم بهذه العملية في ذهنك فإنه
قد تفاجئك كثرة المعلومات التي تمتلكها مسبقاً عن الموضوع . هذه العملية
قد تساعدك إلى حد كبير في فهم الموضوع و استساغته بطريقة جيدة .
الطريقة الرابعة : (قراءة النص باستعمال طريقة المسح)
هذه الطريقة إختيارية ، و
تتضمن البحث عن كلمات أو رموز أو أرقام و التركيز عليها أثناء القراءة ،
بشرط أن تكون لهذه الكلمات أو الرموز أو الأرقام أهمية خاصة لديك ، فأنت
تعرفها مسبقاً و هي ذات يوم قد تخدمك في إتجاه معين ، لكنك تريد أن
تكتشفها في النص لتتعرف إلى قيمة هذا النص بالنسبة لك . العملية أشبه ما
تكون بطريقة المعالجة الآلية للكلمات ، حيث تطلب من برنامج الحاسوب أنْ
يبحث لك عن كلمة أو عبارة معينة من ملف موجود على الشاشة .
الطريقة الخامسة : (قراءة النص باستعمال طريقة القراءة الباحثة)
و هي طريقة إختيارية ، تتضمن
استخراج الأفكار المهمة من النص أثناء قراءته ، و هذه تختلف عن طريقة
المسح ، لأنك أصلاً لا تعرف نوعية الأفكار التي ستستخرجها من النص ، لأنك
لم تتعرف عليها بعد.
الطريقة السادسة : (قراءة النص باستخراج الفكرة الرئيسية)
و هي طريقة شبه إجبارية في
قراءتك للنص ، حيث يستوجب عليك أن تحصل على النقاط الرئيسية التي يذكرها
الكاتب ، و قد تستطيع إنجاز ذلك باستعمالك طريقة الإلتقاط (الطريقة
الأولى) أثناء قراءتك للنص .
عندما يكون فهم النص مستعصياً ، حينها لا يمكنك أن تستخرج منه الأفكار الرئيسية إلاّ بعد قراءة مفصلة و متكررة.
الطريقة السابعة : (قراءة النص باستعمال طريقة الإستنتاج)
هذه الطريقة تعتبر طريقة
مثالية في قراءة النص ، و تتضمن وصول القارئ إلى المعاني المخفية وراء
العبارات و التي لم يتطرق الكاتب إلى ذكرها بصورة مباشرة . و أحياناً
كثيرة قد ترغب في الوصول إلى التعرف على أفكار الكاتب و أغراضه من خلال
قراءة النص بهذه الطريقة.
الطريقة الثامنة : (التغلب على الكلمات و المصطلحات الصعبة أثناء قراءة النص)
عندما تصادفك كلمة غريبة في
النص ، عليك أن تكتشف مدى أهمية هذه الكلمة في النص ، فإذا كان بإمكانك أن
تفهم المعنى العام من غير هذه الكلمة ، فوقتها تستطيع أن تهمل هذه الكلمة
. أما إذا استعصى عليك فهمها و أثّر ذلك على فهمك للعبارة كلها ، فوقتها
يمكنك أن تكتبها عندك لتسأل عن معناها الحقيقي أو تبحث في القاموس عن
معناها . و في بعض الأحيان قد لا تعرف معنى الكلمة ، و لكن تتوقع لها
معنىً من خلال موقعها في الجملة و علاقتها بالكلمات المجاورة بحيث تستطيع
مواصلة قراءة النص دون تأثير تلك الكلمة على فهمك للعبارة .
أحياناً قد لا تعرف معنى
كلمة معينة ، و تراها تظهر في النص مراراً و تكراراً . حينها عليك أن تعرف
أنّ هذه الكلمة مهمة و يجب أن تعرف معناها الصحيح لتتمكن من مواصلة قراءتك
للنص بنجاح . أما إذا رأيت الكثير من الكلمات و العبارات في النص و تعذر
عليك معرفة معانيها و أصبحت مضطراً إلى السؤال عن معاني هذه الكلمات في
النص مراراً و تكراراً ، حينها تأكّد بأن النص متخصص جداً و لا يمكن لك أن
ترقى إلى مستواه الحقيقي ، و حينها يمكنك ترك ذلك النص جانباً و البحث عن
نص آخر مبسّط يتناول نفس الموضوع.
و في النهاية ، هذه هي طرق
القراءة الناجحة التي يجني القارئ من ورائها الكثير من المعرفة العلمية و
الإنسانية ، و يغني بها مداركه العقلية و تجربته الإجتماعية ، فيغدو له
لمسات ذات تأثيرات سحرية على الجميع ، تأسر قلوب الأصحاب و الجلساء قبل
عقولهم.
الإثنين مارس 02, 2015 1:18 am من طرف الشامخ الكثيري
» دعــــاء
الأحد يناير 04, 2015 4:37 pm من طرف ريتاج
» شرح كيفيه دخول رومات الشات عن طريق برنامج النمبز nimbuzz من جهاز الكمبيوتر
الجمعة أكتوبر 12, 2012 7:01 am من طرف زمن المصالح
» توقف القلم
الخميس ديسمبر 22, 2011 1:26 pm من طرف دمعة فرح
» معلــــومه+صورة لنتشارك
الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 8:47 pm من طرف دمعة فرح
» رحيلك ياأمي
الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 6:41 am من طرف دمعة فرح
» اهنيكم بعيدنا الفطر السعيد
الثلاثاء أغسطس 30, 2011 9:43 am من طرف دمعة فرح
» حنظله غسيل الملائكه رضى الله عنه
الثلاثاء يوليو 19, 2011 5:28 pm من طرف دمعة فرح
» اي نوع قلمك ؟؟؟
الخميس يونيو 09, 2011 1:53 pm من طرف دمعة فرح
» ترويض الكلب ( قصيرة )
الإثنين مايو 30, 2011 6:56 am من طرف ماهر طلبه