ميعاد ومقدار وشروط ونصاب زكاة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر " رحمه الله " في رده على سؤال مماثل: </< B>
فرض الإسلام الزكاة كقاعدةٍ من قواعد الإسلام الخمس التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم : "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسولُ الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجِّ البيت مَنِ استطاع إليه سبيلاً".
ومِن بين الزكاة المفروضة شرعًا زكاة الزُّرُوع، وقد استدل الفقهاء على وجوب هذه الزكاة بقول الله ـ تعالى وتبارك ـ : (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ما كَسَبْتُمْ ومِمَّا أَخْرَجْنَا لكمْ مِنَ الأرضِ). (البقرة:267). وبقوله: (وهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ والنَّخْلَ والزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وغَيْرَ مُتشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذَا أثْمَرَ وآتوا حَقَّهُ يوْمَ حَصَادِهِ ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ). ( الأنعام: 141).
وتجب زكاة الزروع في القمح والذرة والأرز والفول والعدَس، وغيره من الزروع والثمار؛ لأن الآيات القرآنية الحكيمة دلَّتْ على أن الزكاة واجبة في كل ما أخرجته الأرض.
وميعاد زكاة الزرع مُرتبط بجمع المحصول من الأرض، فهي لا تُشبه زكاة الذهب والفضة التي يُشترط فيها مرور السنة على حيازة المال، فلو زرعت الأرض أكثر من مرة في السنة وجَبَ إخراج الزكاة عن كل محصول إذا بلغ المحصول النصاب المُحدَّد للزكاة، أي بَلَغَ الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة.
وقد قال الفقهاء إنه يجب إخراج زكاة الزرع عند تهيئة المحصول للاقْتِيَاتِ والادِّخار، بتصفية الحب وتقشيره، وتجفيف التمر، حتى يكون الكيل أو التقدير مضبوطًا.
ومقدار زكاة الزرع هو العشر ( أي عشرة في المائة ) إذا كانت الأرض تُسقى بلا آلة، وهو ما يُسمى عند بعض الفلاحين باسم " السَّقْيُ بالراحة " أي بلا تعب أو مجهود؛ لأن الحديث النبويَّ يقول: "فِيمَا سَقَتِ السَّماءُ العُشْرُ". والمراد بالسماء هنا ماء المطر ونحوه.
ويجب في زكاة الزرع نصف العشر (أي خمسة في المائة) إذا كانت الأرض تُسقى بالآلة كالساقية أو الطنبور أو آلة الرَّيِّ الأخرى. وقد جاء في حديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " فيما سقت السماءُ والعيونُ، أو كان عَثَرِيًّا العُشْر، وفيما سُقي بالضَّخِّ نصف العشر ".
وإذا كانت الأرض تُسقى أحيانًا بالآلة، وأحيانًا تسقى بالراحة، فالعبرة بالغالب، فإن كان الغالب هو السَّقْيَ بالآلة، فإن مقدار الزكاة يكون نصْف العُشر، وإن كان الغالب هو السقي بالراحة، فإن مقدار الزكاة يكون العشر، وإن تساوى الأمران يكون مقدار الزكاة ثلاثة أرباع العشر (أي مقدار سبعة ونصف في المائة ).
والزرع الذي تجب فيه الزكاة له نِصابٌ، أي مقدار، أو حدٌّ أدنى يبلغه، أو يزيد عنه.
والحد الأدنى لنصاب زكاة الزرع ـ كما ورد في مذهب الإمام مالك، رضي الله عنه – هو خمسون كَيْلَةً، أي أربعةُ أرادبَ وكيلتانِ بالكيْل المعروف في بلادنا. وقد استدلوا على ذلك بما رواه أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ قال: "ليس فيما دُونَ خمسة أوساقٍ من تمرٍ ولا حبٍّ صدقةٌ " والمراد بالصدقة هنا هو الزكاة الواجبة.
و "الأوْساقُ" جمع وَسَقٍ، والوسَق سُتُّون صاعًا، والصاع قدحٌ وثُلُثُ قَدَحٍ، فالنصاب على هذا هو خمسون كيلة، والخمسون كيلة هي أربعة أرادب وكيلتان.
وإذا كان المحصول يُدخر بقشره، كما في الأرز ـ مثلاً ـ فإن نصاب الزكاة يكون عشرة أوْسُقٍ، أي ثمانية أرادب وأربع كيلات.
وعلى مُخرج الزكاة أن يقدمها من أوسط درجات المحصول، فليس بمَحتوم عليه شرعًا أن يختارها من أحسن المحصول، ولو فعلَ ذلك اختيارًا لما كان ممنوعًا، ويحرم عليه أن يقدِّم الزكاة من الدرجة الرديئة في المحصول، بأن يختار أخْبثَ ما فيه؛ لأن الله ـ جل جلاله ـ يقول: (وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلاَّ أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ واعْلَمُوا أنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
(البقرة: 267). وعلى الإنسان في هذه الحالة أن يتوسَّط، وخير الأمور أوساطها.
وإذا كانت الأرض المزروعة أرضًا مُستأجَرة، فإن جمهور الفقهاء يُقرِّرون أن الزكاة تكون على المستأجر؛ لأنه صاحب الزرع والمنتفع بالمحصول، ولأن الآية الكريمة تقول: (وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ). ( الأنعام:141).
والمراد بالحق هنا حقُّ الثمر، أي الزرع الحاصل من الأرض، وفي آية أخرى :
( وأَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ما كَسَبْتُمْ ومِمَّا أَخْرَجْنَا لكمْ مِنَ الأرضِ ). ( البقرة: 267). والخارج من الأرض هو المحصول، وصاحب المحصول هنا هو المستأجر.
ويُلاحظ أن زكاة الزرع لا يُعفِى منها أن يدفع صاحبُ الأرض الخراجَ ( والخراج هو المال المُقدر على الأرض من جهة الدولة ) وهذا هو رأي جمهور الفقهاء، لأن الزكاة حقٌّ ديني، والخراج حق مَدنيٌّ، وكل منهما واجب. وبعض الفقهاء يرى أن الخراج المدفوع على الأرض يُعفي من الزكاة، وقال هذا البعض إنه لا يجتمع زكاةٌ وخراجٌ، ولكن القول الأول أرجح.
وتدفع زكاة الزرع للأصناف والمصارف التي تدفع إليها الزكاة الأخرى، وهي الأصناف المذكورة في قول الله ـ تبارك وتعالى ـ: (إنَّما الصَّدَقاتُ للفُقَراءِ والمَساكِينِ والعامِلِينَ عليها والمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُمْ وفي الرِّقَابِ والغَارِمِينَ وفي سَبِيلِ اللهِ وابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ واللهُ عليمٌ حَكيمٌ). (التوبة : 6).
وليتذكر مُخرج الزكاة أن الله ـ تبارك وتعالى ـ شرع الزكاة لتكون طُهْرةً للمال من جهة، وبركة فيه من جهة ثانية، وتحقيق التعاون والتراحم بين الناس من جهة ثالثة، والله ـ جل جلاله ـ يَعِدُ بالمُضاعفة العظيمة لمَن أطاع واستجاب فيقول: (مَثَلُ الذينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمْ في سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ في كُلِّ سُنْبِلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ واللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ واللهُ واسعٌ عَليمٌ). ( البقرة:261). ويقول: ( مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لهُ ولهُ أَجْرٌ كَريمٌ). (الحديد: 11) ويقول: ( مَن ذا الذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لهُ أضْعَافًا كَثِيرَةً واللهُ يَقْبِضُ ويَبْسُطُ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ). ( البقرة: 245).
الإثنين مارس 02, 2015 1:18 am من طرف الشامخ الكثيري
» دعــــاء
الأحد يناير 04, 2015 4:37 pm من طرف ريتاج
» شرح كيفيه دخول رومات الشات عن طريق برنامج النمبز nimbuzz من جهاز الكمبيوتر
الجمعة أكتوبر 12, 2012 7:01 am من طرف زمن المصالح
» توقف القلم
الخميس ديسمبر 22, 2011 1:26 pm من طرف دمعة فرح
» معلــــومه+صورة لنتشارك
الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 8:47 pm من طرف دمعة فرح
» رحيلك ياأمي
الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 6:41 am من طرف دمعة فرح
» اهنيكم بعيدنا الفطر السعيد
الثلاثاء أغسطس 30, 2011 9:43 am من طرف دمعة فرح
» حنظله غسيل الملائكه رضى الله عنه
الثلاثاء يوليو 19, 2011 5:28 pm من طرف دمعة فرح
» اي نوع قلمك ؟؟؟
الخميس يونيو 09, 2011 1:53 pm من طرف دمعة فرح
» ترويض الكلب ( قصيرة )
الإثنين مايو 30, 2011 6:56 am من طرف ماهر طلبه