جيفري لانج Jeffrey Lang الدكتور استاذا الرياضيات في جامعة كنساس الامريكية فيما
يلي نص مقتبس عن كتاب حتى الملائكة تسأل لمؤلفه البروفسور جفري لانغ . وهو
أستاذ مساعد للرياضيات في إحدى الجامعات الأمريكية . والكتاب فريد من نوعه
، يتراوح بين لحظات روحانية غامرة كالتي نراها هنا ، وبين أفكار فلسفية
عميقة .في أماكن أخرى ، وبين حلول عملية تلزمنا جميعاً رغم أن المؤلف
مقلٌّ غير غزير الإنتاج ، إلا أنه بكتابه هذا ينضم إلى جيل نادر من الكتاب
المسلمين الغربيين ، كمحمد أسد وكتابه الشهير الطريق إلى مكة ، و مراد
هوفمان وكتبه ومنها الإسلام كبديل ، و يوميات مسلم ألماني ، وعلي عزت
بيغوفيتش وكتابه الإسلام بين الشرق والغرب . حق لنا أن نتعلم منهم كثيراً
مما يفيدنا في تجديد حياتنا ومراجعة مواقفنا من كثير من القضايا الهامة
.في ديننا أما هذا المقطع الذي أمامنا ، فيسمو بالقارئ إلى معانٍ روحية
ثمينة ، فقدنا كثيراً منها عندما صارت العبادة عادةً وفقدت معناها الذي
فرضت لأجله، فعادت حركات آلية لا طعم لها ولا لون ولا رائحة .
القــــصـــه
فلنقرأ، ولنتأمل في معنى السجود : في اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام ، قدّم إليّ
إمامُ المسجد كتيباً يشرح كيفية أداء الصلاة . غير أنّي فوجئتُ بما
رأيتـُه من قلق الطلاب المسلمين ، فقد ألحّوا عليَّ بعباراتٍ مثل: خذ
راحتك لا تضغط على نفسك كثيراًمن الأفضل أن تأخذ وقتك ببطء .. شيئاً ،
فشيئاً ...وتساءلتُ في نفسي ، هل الصلاة صعبةٌ إلى هذا الحد ؟ لكنني
تجاهلت نصائح الطلاب ، فقررت أن أبدأ فوراً بأداء الصلوات الخمس في
أوقاتها . وفي تلك الليلة ، أمضيت وقتاً طويلاً جالساً على الأريكة في
غرفتي الصغيرة بإضاءتها الخافتة ، حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها ،
وكذلك الآيات القرآنية التي سأتلوها ، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة
. وبما أن معظم ما كنت سأتلوه كان باللغة العربية ، فقد لزمني حفظ النصوص
بلفظها العربي وبمعانيها باللغة الانكليزية . وتفحصتُ الكتيّب ساعاتٍ عدة
، قبل أن أجد في نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى . وكان الوقت قد
قارب منتصف الليل ، لذلك قررت أن أصلّي صلاة العشاء .. دخلت الحمام ووضعت
الكتيب على طرف المغسلة مفتوحاً على الصفحة التي تشرح الوضوء . وتتبعت
التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة ، بتأنٍّ ودقة ، مثل طاهٍ يجرب وصفةً
لأول مرة في المطبخ . وعندما انتهيت من الوضوء ، أغلقت الصنبور وعدت إلى
الغرفة والماء يقطر من أطرافي . إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب
ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء . ووقفت في منتصف الغرفة ، متوجهاً إلى
ما كنت أحسبه اتجاه القبلة . نظرت إلى الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب
شقتي ، ثم توجهت إلى الأمام ، واعتدلت في وقفتي ، وأخذتُ نفساً عميقاً ،
ثم رفعت يديّ ، براحتين مفتوحتين ، ملامساً شحمتي الأذنين بإبهاميّ . ثم
بعد ذلك ، قلت بصوت خافت الله أكبر .كنت آمل ألا يسمعني أحد . فقد كنت
أشعر بشيء من الانفعال . إذ لم أستطع التخلص من قلقي من كون أحد يتجسس علي
. وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة وتساءلت : ماذا لو رآني أحد
الجيران ؟تركتُ ما كنتُ فيه ، وتوجهتُ إلى النافذة . ثم جلت بنظري في
الخارج لأتأكد من عدم وجود أحد . وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية ،
أحسست بالارتياح .
فأغلقت الستائر ، وعدت إلى منتصف الغرفة ..ومرة أخرى ، توجهت إلى القبلة ،
واعتدلت في وقفتي ، ورفعت يدي إلى أن لامس الإبهامان شحمتي أذنيّ ، ثم
همست الله أكبر .وبصوت خافت لا يكاد يُسمع ، قرأت فاتحة الكتاب ببطء
وتلعثم ، ثم أتبعتـُها بسورة قصيرة باللغة العربية ، وإن كنت أظن أن أي
عربي لم يكن ليفهم شيئاً لو سمع تلاوتي تلك الليلة ! . ثم بعد ذلك تلفظتُ
بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت ، وانحنيت راكعاً حتى صار ظهري متعامداً مع
ساقي ، واضعاً كفي على ركبتي . وشعرت بالإحراج ، إذ لم أنحن لأحد في حياتي
. ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة ..وبينما كنت لا أزال راكعاً ،
كررت عبارة سبحان ربي العظيم عدة مرات ثم اعتدلت واقفاً وأنا أقرأ سمع
الله لمن حمده ، ثم ربنا ولك الحمد أحسست بقلبي يخفق بشدة ، وتزايد
انفعالي عندما كبّرتُ مرةً أخرى بخضوع فقد حان وقت السجود . وتجمدت في
مكاني ، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي ، حيث كان علي أن أهوي إليها
على أطرافي الأربعة وأضع وجهي على الأرض لم أستطع أن أفعل ذلك ! لم أستطع
أن أنزل بنفسي إلى الأرض ، لم أستطع أن أذل نفسي بوضع أنفي على الأرض ،
شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده .. لقد خيل لي أن ساقي مقيدتان لا تقدران
على الانثناء . لقد أحسست بكثير من العار والخزي وتخيلت ضحكات أصدقائي
ومعارفي وقهقهاتهم ، وهم يراقبونني وأنا أجعل من نفسي مغفلاً أمامهم .
وتخيلتُ كم سأكون مثيراً للشفقة والسخرية بينهم . وكدت أسمعهم يقولون :
مسكين جف ، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو ، أليس كذلك ؟وأخذت
أدعو: أرجوك ، أرجوك أعنّي على هذا . أخذت نفساً عميقاً ، وأرغمت نفسي على
النزول . الآن صرت على أربعتي ، ثم ترددت لحظات قليلة ، وبعد ذلك ضغطت
وجهي على السجادة . أفرغت ذهني من كل الأفكار ، وتلفظت ثلاث مرات بعبارة
سبحان ربي الأعلى .الله أكبر . قلتها ، ورفعت من السجود جالساً على عقبي .
وأبقيت ذهني فارغاً، رافضاً السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي .الله أكبر .
ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى . وبينما كان أنفي يلامس الأرض ، رحت أكرر
عبارة سبحان ربي الأعلى بصورة آلية فقد كنت مصمماً على إنهاء هذا الأمر
مهما كلفني ذلك .الله أكبر . و انتصبت واقفاً ، فيما قلت لنفسي : لا تزال
هناك ثلاث جولات أمامي وصارعت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة .
لكن الأمر صار أهون في كل شوط . حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر
سجدة . ثم قرأت التشهد في الجلوس الأخير ، وأخيراً سلـَّمتُ عن يميني
وشمالي .
وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه ، بقيت جالساً على الأرض ، وأخذت أراجع
المعركة التي مررت بها . لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك
العراك في سبيل أداء الصلاة إلى آخرها . ودعوت برأس منخفض خجلاً: اغفر لي
تكبري وغبائي ، فقد أتيت من مكان بعيد ، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه
. وفي تلك اللحظة ، شعرت بشيء لم أجربه من قبل ، ولذلك يصعب علي وصفه
بالكلمات فقد اجتاحتني موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة ، وبدا
لي أنها تشع من نقطة ما في صدري . وكانت موجة عارمة فوجئت بها في البداية
، حتى أنني أذكر أنني كنت أرتعش . غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي ،
فقد أثـّرت في عواطفي بطريقة غريبة أيضاً . لقد بدا كأن الرحمة قد تجسدت
في صورة محسوسة وأخذت تغلفني وتتغلغل فيّ . ثم بدأت بالبكاء من غير أن
أعرف السبب . فقد أخَذَت الدموع تنهمر على وجهي ، ووجدت نفسي أنتحب بشدة .
وكلما ازداد بكائي ، ازداد إحساسي بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني
. ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب ، رغم أنه يجدر بي ذلك ، ولا بدافع
من الخزي أو السرور . لقد بدا كأن سداً قد انفتح مطِلقاً عنانَ مخزونٍ
عظيمٍ من الخوف والغضب بداخلي . وبينما أنا أكتب هذه السطور ، لا يسعني
إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله عز وجل لا تتضمن مجرد العفو عن
الذنوب ، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضاً ظللت لبعض الوقت جالساً على
ركبتي ، منحنياً إلى الأرض ، منتحباً ورأسي بين كفي وعندما توقفت عن
البكاء أخيراً ، كنت قد بلغت الغاية في الإرهاق . فقد كانت تلك التجربة
جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات عقلانية
لها . وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها أما
أهم ما أدركته في ذلك الوقت : فهو أنني في حاجة ماسة إلى الله ، وإلى
الصلاة وقبل أن أقوم من مكاني ، دعوت بهذا الدعاء الأخير: اللهم ، إذا
تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى ، فاقتلني قبل ذلك -- خلصني من هذه الحياة .
من الصعب جداً أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب ، لكنني لاأستطيع
أن أعيش يوماً واحداً آخر وأنا أنكر وجودك "
الإثنين مارس 02, 2015 1:18 am من طرف الشامخ الكثيري
» دعــــاء
الأحد يناير 04, 2015 4:37 pm من طرف ريتاج
» شرح كيفيه دخول رومات الشات عن طريق برنامج النمبز nimbuzz من جهاز الكمبيوتر
الجمعة أكتوبر 12, 2012 7:01 am من طرف زمن المصالح
» توقف القلم
الخميس ديسمبر 22, 2011 1:26 pm من طرف دمعة فرح
» معلــــومه+صورة لنتشارك
الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 8:47 pm من طرف دمعة فرح
» رحيلك ياأمي
الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 6:41 am من طرف دمعة فرح
» اهنيكم بعيدنا الفطر السعيد
الثلاثاء أغسطس 30, 2011 9:43 am من طرف دمعة فرح
» حنظله غسيل الملائكه رضى الله عنه
الثلاثاء يوليو 19, 2011 5:28 pm من طرف دمعة فرح
» اي نوع قلمك ؟؟؟
الخميس يونيو 09, 2011 1:53 pm من طرف دمعة فرح
» ترويض الكلب ( قصيرة )
الإثنين مايو 30, 2011 6:56 am من طرف ماهر طلبه