=== من هو يوسف شاهين ===
مخرج
سينمائي مصري ذو شهرة عالمية، معروف بأعماله المثيرة للجدل، وبرباعيته
السينمائية التي تتناول سيرته الذاتية (إسكندرية... ليه؟ - حدوتة مصرية -
إسكندرية كمان وكمان - إسكندرية - نيويورك).
=== كيف نــشــأ المخرج الكبير ===
ولد
شاهين في مدينة الاسكندرية العام 1926 لأب كان يعمل بالمحاماة ولأسرة
مسيحية تنتمي للبرجوازية الصغيرة، استطاعت ان تيسر له الدراسة في كلية
فكتوريا التي كان يدرس فيها اولاد الموسرين، ومن بين زملائه في الكلية كان
ميشيل شهلوب الذي اكتشفه شاهين وقدمه باسم عمر الشريف، والراحل رشدي
اباظة، واحمد رمزي، والمخرج الراحل شادي عبد السلام صانع التحفة
السينمائية ”المومياء”.
اثار
شاهين الكثير من الجدل والافتتان بكل عمل سينمائي جديد يقدمه، فهو طوال
ستة عقود صارع السينما العالمية في اكثر من مهرجان ليكون ندا قويا لها،
ويفرض عليها اعترافا به كسينمائي قادم من صفوف الطبقة الوسطى في مجتمع
عربي يمتلك ثقافة وهوية خاصتين.
بزغ
نبوغ شاهين السينمائي في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، في مشهد كان
يضم اسماء: توفيق صالح، كمال الشيخ، وفطين عبد الوهاب، وهو الجيل الذي بدأ
حياته السينمائية مع بوادر التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
التي جاءت بها ثورة يوليو 1952. وتميز شاهين بوضع خاص بين ابناء جيله، وفي
تاريخ السيما المصرية والعربية بوجه عام، فقد استطاع ان يكون نموذجا فريدا
على الصعيدين المصري والعالمي للفنان السينمائي الملتزم، صاحب الرسالة،
وكان عليه، بالطبع، ان يدفع ثمن ذلك.
بعد
دراسته في كلية فكتوريا، تملك شاهين هوس السينما، وأصر رغم الحالة لمادية
الصعبة التي بدأت اسرته تعاني منها، على السفر الى الولايات المتحدة
لدراسة السينما التي كانت بالنسبة له، آنذاك، اكبر مصنع للاحلام في
العالم، ورأى ان هذا الحلم لا يمكن ان يتحقق الا بالانتقال الى ”هوليوود”
لا غيرها.
بعد
عودته الى موطنه، ولم يكن قد تجاوز الرابعة والعشرين، حقق شاهين باكورة
حلامه السينمائية الطويلة ”بابا أمين” العام 1950، وبعد عامين انجز شريطه
لروائي الثاني ”ابن النيل”، وفي اعقاب قيام الثورة اخرج فيلمه ”صراع في
الوادي” لعام 1954.
ومع تسارع المد القومي آنذاك حقق شاهين واحداً من أشهر افلامه الطويلة وهو
”جميلة بوحريد” العام 1958، وهو عن محاكمة لامرأة عدت من ابرز ابطال
الاستقلال في الجزائر، وفي العام نفسه اخرج فيلمه ذائع الصيت ”باب الحديد”
الذي غدا واحدا من اشهر كلاسيكيات السينما العربية.
بعد ذلك انجز شاهين شريطه التاريخي ”الناصر صلاح الدين” العام 1963، وهو
ليس مجرد فيلم تاريخي فقط، وانما اتى بدلالات قوية واضحة ومعاصرة رغم ان
احداثه تدور في حقبة زمنية تحكي عن فترة القائد صلاح الدين الايوبي
وانتصاراته على الصليبيين وتحرير الاراضي المقدسة، وفي الفيلم تبرز مدى
اهمية وحدة العرب في صنع التحرير وطرد المستعمر.
وكان
شاهين أظهر الناصر صلاح الدين لا رجلَ قتال فحسب، بل بوصفه طبيبا ورياضيا
ورجل دولة وفيلسوفا انسانيا دارت معركته الرئيسية ضد الحملات الصليبية على
الشرق. وجاء فيلم ”الناصر صلاح الدين” وفق انتاج تاريخي ضخم يخلو من
التعصب الديني، مركزاً على احترام المسلمين للآخرين، ومبتعداً عن اي
شوفينية، وهو يصور مظاهر الخداع والدسائس والمؤامرات والجشع الذي اتسم به
تجار وزعماء اوروبا ذوو الاطماع المتلاقية احيانا والمتنافسة احيانا اخرى،
وتفادى فيه يوسف شاهين ان يصور الصليبيين كأشرار والعرب كأخيار.
ادار
شاهين باقتدار مجاميع من الممثلين والكومبارس يزيد عددهم على الآلاف دون
ان يسقط في الفخ الهوليوودي وابهاره الزاعق، وفي مشهد الهجوم على الحجاج
المسلمين وذبحهم نراه يعبر عن المشهد دون ان يراه المشاهد باللجوء الى
استخدام ملابس الحجاج ناصعة البياض ينساب عليها الدم الاحمر عقب الهجوم
مباشرة، وكانت لقطة تشكيلية فائقة النجاح والاختزال، ففيها نشعر بمدى
بشاعة المذبحة خصوصا عندما تتلطخ معظم اجزاء الشاشة بدفقات الدم وبفعل
راية منكسة للاعداء، واخرى اهترأت بفعل حوافر الخيول التي دهمتها. يعبر
الفيلم عن جريمة العدو في احدى المعارك، ويهتم يوسف شاهين بتفاصيل لقطاته
ومسار الحركة داخل الكادر، ولا يأتي هذا الاهتمام لأسباب جمالية فحسب،
ولكن لأهداف فكرية في المقام الاول.
ساهم
في نجاح الفيلم مشاركة الروائي نجيب محفوظ في كتابة السيناريو، الى جانب
تصميم شادي عبد السلام للملابس، وتجهيزات العمل المدهشة في حرفيتها بليغة
المستوى.
فيلم
”الناصر صلاح الدين” درة من درر السينما المصرية والعالمية، وفيه بلغ يوسف
شاهين في حقبة انتاج الفيلم في بداية الستينيات مرحلة تتسم بالنضج
والاكتمال، كانت خطوته الاساسية في الاتجاه نحو آفاق جديدة تهيأت له فيها
الامكانات الفنية والمادية، وبلغ انتشاره خصوصا الجماهيري على طول امتداد
الساحة العربية، لينطلق نحو الشهرة العالمية.
عدّ كثير من النقاد العرب والعالميين فيلم ”الناصر صلاح الدين” بمثابة
تحول كبير في ميدان الصناعة السينمائية العربية، ومن اهم الانجازات
البصرية والاعلاء من ارادة التغيير.
بعد
هزيمة الخامس من يونيوحزيران 1967 بدأ الوعي السياسي لدى شاهين يأخذ مسارا
آخر انعكس على افلامه، فقدم فيلمه ”الارض” العام 1970 الذي بلغ فيه قمة
نضوجه الفني والفكري والجمالي معا.
يستمد
الفيلم احداثه عن رواية للكاتب عبد الرحمن الشرقاوي يتناول فيه المخرج
يوسف شاهين صراع مجموعة من الفلاحين البسطاء في قرية صغيرة ضد قوى الاقطاع
والاستعمار عندما يتم تقليص فترة ري حقولهم من عشرة ايام الى خمسة، مما
يجعلهم يتكاتفون ضد هذا القرر ويرسلون بمناشدة للمسؤولين تطالبهم العودة
عن هذا القرار المجحف بحقهم، لكنهم لا يلقون آذانا صاغية مما يدفعهم للجوء
الى القوة في تغيير مسرى المياه الى حقولهم لتقوم قوى الهجانة بقمعهم
بقسوة شديدة وضربهم بالسياط والكرابيج واعتقال بعضهم وعلى رأسهم الفلاح
محمد ابو سويلم الذي يقوم بدوره محمود المليجي في واحد من اجمل افلامه على
الاطلاق. وبعد خروجهم من السجن يقوم احد الاقطاعيين الكبار بمحاولة شق
طريق بين قصره والمدينة يمر من وسط اراضي المزارعين الذين يواجهون هذا
المشروع بمقاومة عنيفة، وينتهي الفيلم وسط تشبث الفلاح ابو سويلم بأرضه
ويداه ملطختان بالدم النازف على حقول القطن وقد جرته خيول المستعمر بقسوة
ووحشية.
يتناول فيلم ”الارض” الظواهر والابعاد للتناقضات الطبقية التي حكمت
المجتمع الريفي في مصر خلال حقبة الثلاثينيات الحالكة من تاريخه، ولكن هذه
الصورة القادمة من الماضي القريب تتحدث ايضا عن صفحات من الواقع المعاصر
باتصال متين وتلقي عليه ظلالها.
يصور شاهين ايضا نماذج من المصالح الشخصية عندما تصبح عائقا امام حركة
المجاميع، فهناك الفلاح الذي يخون زملاءه، والتاجر الذي لا يهمه سوى الربح
حتى لو كان عن طريق استغلال الفلاحين، ورجل الدين الذي يترك المواجهة
ويغادر الى المدينة.
ورغم فشل المقاومة في فيلم ”الارض”، إلا أنه يستخلص دروسا مستفادة تجعل
منه واحدا من افضل الافلام العربية المتميزة، حيث يثبت فيه شاهين تمكنه من
ادواته الفنية وتقديمه فيلمه عبر لغة سينمائية حرفية متقنة الصنع وفي
ايقاع عذب ومتين للاجواء الريفية في استخدام متمكن وجذاب لمختلف العناصر
الصوتية والبصرية.
وبقي شاهين وفيا لأفكاره وبيئته الاجتماعية والثقافية، فأخرج ”الاختيار”
العام 1971، ثم ”العصفور” العام 1973، و”عودة الابن الضال” العام 1976،
وحاول في هذه الثلاثية السينمائية ان يتناول العلاقة بين المثقف والسلطة
والمجتمع في اعقاب هزيمة يونيو حزيران .
ويعد
”العصفور” احد ابرز اعمال السينما المصرية التي جسدت مقدمات هزيمة يونيو
حزيران 1967 وجسدت رفض الشعب للهزيمة من خلال تمسكه بالنصر والقتال لتحرير
ما احتل من الارض على سلسلة من الاحداث التي قادت الى هذا الوضع الصعب
الذي عاشه الناس، ونماذج مختارة من ضابط شرطة يتأقلم مع الفساد الآخذ
بالانتشار على جوانب الحياة. هناك ايضا صحفي جريء يكشف التناقضات والى
جانبه شاب يتفجر وطنية وساخط على الوضع المتردي داخل بلده وجميعهم يلتقون
في بيت ”بهية” (تؤدي الدور محسنة توفيق) ويتحرك بينهم موظفون صغار
التهمتهم حياة الفساد والخضوع لمباهج الحياة الزائفة والرخيصة على حساب
انتمائهم لبلدهم في مرحلة حاسمة تشهد تحولات جذرية.
علاوة
على قيمته الفنية السينمائية يتميز الفيلم بأهميته ونقائه كعمل سينمائي
سياسي مهم، خصوصا في الدقائق الاخيرة منه، التي كانت من اجمل واقوى واصدق
المشاهد السينمائية التي حققها يوسف شاهين، حيث يصور فيها أثر الهزيمة على
افراد الشعب العربي واكتشافهم حقيقة وقوعهم ضحية الوسائل الاعلامية
الكاذبة قبل الحرب واثناءها مما قادهم وبإصرار الى قبول ذلك التحدي،
وتنطلق صرخات رفض الهزيمة والاصرار على النصر في اجواء ملحمية وشاعرية
مفعمة بالحماسة جاءت دليلا على وعي الفنان لقضايا شعبه وامته وايمانه
بحتمية الانتصار على اعداء الداخل والخارج.
واذا
كان ”العصفور” شهد تصعيدا في نبرة يوسف شاهين المنددة بالهزيمة، فإنه شهد
في الوقت نفسه امعانا في التعقيد والتركيب جعل من الصعوبة على المشاهدين
متابعة قضاياه الشائكة المجتمعة في عمل أخاذ ذكي وشاعري يتفوق بشكل بعيد
على جميع أعماله السابقة من جهة قابليته لأكثر من قراءة وعلى اكثر من
مستوى.
ظل فيلم ”العصفور” مصادرا من الرقابة المصرية لأكثر من عامين ولم يسمح له
بالعرض الا بعد قيام يوسف شاهين بوضع تتر وعنوان جديد في بداية عناوين
الفيلم تقول: ”ان العصفور لم يستطع ان ينطلق لولا الانطلاقة الكبرى
للانسان المصري يوم 16 اكتوبر العظيم!”.
في العام 1978 قدم شاهين فيلم ”اسكندريه ليه؟” الذي يمكن عده رؤية لسيرة
ذاتية، تنبع من خيال فنان مبدع وتصور رغبة شاب في دراسة السينما خارج بلده
في مكان بعيد مثل اميركا، وسط دهشة واستهجان اقرانه في هذا الفيلم يعبر
شاهين عن فكرة التعايش بين الاديان الثلاثة، من خلال العلاقة بين الشاب
وصديقه اليهودي، وهي علاقة تتحطم مع وصول قوات ”رومل” الى مشارف (العلمين)
ثم هجرة الاسرة اليهودية وتفرق ابنائها.
يشكل
”اسكندرية ليه؟” رؤية سينمائية مفعمة بالشخصيات والاحداث، ويحتوي الوجوه
والمناخات عن مدينة الاسكندرية 1942 جامعة الاجناس متفاوتة الثقافات
وحاضنة التنوع الغزير في الاهداف والرؤى. انها الاسكندرية ابان الحرب
العالمية الثانية ومعركة العلمين وانعطافة على ذكريات وسيرورة الفتى الذي
يحلم أن يشق طريقه نحو عالم السينما والفن رافضا ان يكون مطية للتقاليد
السائدة وفيضا من احلام المراهقة الآتية من احلام عائلة صغيرة تعاني جنون
العنف الذي اجتاح محيطها، واحلام اثرياء الحرب ومستغليها واحلام الوطنيين
المشوشة، وهناك في المقابل قطبا الصراع الدولي في احراز النصر من ألمان
واميركان.
في هذا
الفيلم نلمح صورة يحيى الشاب المشغوف بالتمثيل ورغبته في دور ”هاملت” على
خشبة المسرح وثنائي حب مستحيل بين احمد زكي ونجلاء فتحي التي تمثل دور
فتاة يهودية تذهب مع والدها (يوسف وهبي) الى فلسطين هربا من الفاشية التي
صارت على ابواب الاسكندرية، ثم لا يلبثان ان يعودا بعد اصطدامهما بالمشروع
الصهيوني ولا يجدان الامان سوى في مسقط رأسهما ”الاسكندرية”. هذا الجانب
من الفيلم اثار الكثير من اللغظ على الفيلم ومخرجه وادى الى منع الفيلم في
اكثر من عاصمة عربية ابان فترة انتاجه.
في
”اسكندرية ليه؟” هناك صراع مستمر لشرائح عديدة داخل المجتمع تقفز من فترة
الى اخرى ومن موقع الى آخر يحمل كثير من الافكار التي تتدفق على طول شريط
الفيلم، تدين، تناقش، تسأل، تجيب، تقف عند الحدث ثم تتخطاه، وفي النهاية
تؤدي هذه العناصر الى ما يشبه النتيجة الحتمية لمصائر شخوصها المتناقضة في
الآمال والاهداف.
من هذه القراءة السريعة لواقع مدينة الاسكندرية واسرة الشاب يحيى وتلك
النماذج الانسانية التي تتحرك وسط مساحة من الاحداث نصل الى نتيجة الرؤية
التي يطرحها يوسف شاهين في الفيلم، وهي رؤية انسانية للصراع.
واذا كان شاهين بإثارته التعاطف لدينا ازاء شخصياته البرجوازية الصغيرة
وازاء احلام بطله بالذهاب الى اميركا قد اعطى الفيلم طابعا قابلا للنقاش
فإنه في الجانب الآخر وفي اسئلته العديدة التي يثيرها العمل حول مسألة
الحرب والسلام، طرح بجرأة غير مسبوقة، اخطر الاسئلة التي يمكن لسينمائي
عربي ان يطرحها بحيث قادته الى ان يصل إلى ما أصبح عليه الآن من مرتبة
رفيعة عن سائر السينمائيين العرب صوب التحليق في فضاءات السينما العالمية.
وعلى عادته دائما، يبرز عند شاهين دور الممثل . و”سكوت ح نصور” من الافلام
القليلة التي جازف فيها شاهين باختيار مطربة مثل التونسية لطيفة لاداء
الدور الرئيسي والى جوارها الممثلة ماجدة الخطيب في اهم ادوارها على
الشاشة البيضاء وهو دور العمر لكليهما. وتبرز ايضا قدرة شاهين على ادارة
المجاميع والرقصات والمشاهد المأخوذة في المسرح وجمهور النظارة او في شاهد
انفاق المترو والقطار وداخل الاستوديو، اي اخراج فيلم داخل فيلم.
في
الجزء الاخير من رباعيته عن مدينة الاسكندرية الذي اطلقه تحت عنوان ”
اسكندرية نيويورك ” حاكى شاهين غاضبا تداعيات احداث 11 ايلول 2001. وقد
صور احداث فيلمه في الولايات المتحدة وتحديدا في ولايتي كاليفورنيا
ونيويورك حيث المعهد السينمائي الذي درس فيه. ويبدو عمله هذا نتاج علاقة
مركبة بينه وبين اميركا التي نال فيها تعليمه السينمائي، واثار شغفه فيها
تلك الانواع والنماذج السينمائية التي كانت تقدمها آنذاك صناعة الافلام
الهوليوودية والتي اخذت جانبا من حياته عبر احتكاكه بصناعها ونجومها
والمنتجين والناس هناك، حيث استحوذت جمالياتها على اعماله الاولى.
واكد
شاهين في عمله الاخير ”هي فوضى” على انحيازه الى البسطاء في واقعهم اليومي
وفق اسلوبية مغايرة لأفلامه السابقة بحيث استطاع ان يقدمه بافتتان بليغ لا
يخلو من الجرأة التي دأبت عليها مسيرته السينمائية الطويلة بما تحمله من
ثراء فني وخصوبة فكرية ورؤية ناضجة للواقع والتي تمكنت ان تحفر لصاحبها
المكانة اللائقة بين افذاذ صناع الفن السابع بالعالم.
ويعد يوسف شاهين من أكثر المخرجين الذين يثيرون الجدل خاصة فيما يتعلق
بأعماله السينمائية وأفلامه التي تأتي في أحيان كثيرة غامضة ومليئة
بالرموز وهو ما يتعمده المخرج العربي الذي يرى أن أفلامه كالكتب المعقدة
والتي لا يفهمها إلا فئة معينة من المثقفين،
وحصل يوسف شاهين الذي أخرج أكثر من 40 فيلم وبعد 46 عامًا
و5 دعوات سابقة، حصل على جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان في عيده
ال-50 عن فيلمه المصير (1997) والذي تناول من خلاله حياة العالم والفيلسوف
ابن رشد.
وأوضح رفائيل ميلليه، من السفارة الفرنسية، قائلا:" نجح شاهين في الوصول
للعالمية واستطاع من خلال أفلامه المميزة أن يصنع علامة مميزة في عالم
السينما كما أصبح بمثابة شيخ وكبير المخرجين بالنسبة لعدد كبير من النجوم
والمخرجين من قطاع الشباب والذين لمعت أسمائهم في سماء الفن بعد اكتشاف
شاهين لهم .
وأضاف
ميلليه قائلا:" أثرت أعمال شاهين السينما المصرية والعربية بشكل عام خاصة
بعد نجاح المخرج المصري في تحقيق مكانة فنية بارزة جعلت من أسلوب إخراجه
مدرسة أصبحت تعرف بالمدرسة الشاهينية وباتت أفلامه تتميز بأسلوب حوار مميز
وألفاظ تميز أفلامه عن غيرها وأصبح شاهين لا يقل في مكانته عن فيلليني،
برجمان، كوروساوا وغيرهم من المخرجين العالميين".
أصبح مثالا يحتذى به في التصميم والإرادة والتركيز في العمل فهو شغوف
بالسينما يعشق الإخراج والتمثيل والاستعراض ولديه موهبة فذة في اكتشاف
النجوم وتقديمهم بصورة مختلفة
،
أمثال: يسرا، هشام سليم، ماجدة الرومي، داليدا، محسن محي الدين، ماجدة
الخطيب، لبلبة، محمود حميدة، نور الشريف، سيف عبد الرحمن، سناء جميل، هند
رستم، محمود المليجي، فريد شوقي، عمر الشرف، فاتن حمامة، أحمد رمزي، تحية
كاريوكا، هاني سلامة، حنان ترك وغيرهم من النجوم.
صورة نادرة لحفل زفاف يوسف شاهين
وتقول
يسرا لفرانس برس ان "تاثيراته لا يستطيع احد ان ينكرها محليا وعالميا"،
مشيرة الى "القيمة الانسانية التي يمثلها شاهين الذي يؤسس لعلاقات عائلية
بين العاملين معه ويخلق اجواء تدفع الجميع للتعامل كاسرة واحدة يحبون
بعضهم ويحملون همومهم المشتركة".
وتؤكد الفنانة ليلى علوى ذلك بقولها "استفدت منه ليس على الصعيد العملي
فقط في فيلم المصير بل من الناحية الانسانية فهو من القلائل الذين يفهمون
العمق الداخلي للانسان والفنان وقدم لي اجابات على اسئلة كثيرة تجول في
داخلي كنت بحاجة للتاكيد عليها"
الجوائز التي حصل عليها
** التانيت الذهبية من مهرجان قرطاج السينمائي عن فيلم «الاختيار» عام 1970
** الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي عن فيلم «إسكندرية... ليه؟» عام 1979
** أفضل تصوير من مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم «إسكندرية كمان وكمان» عام 1989
** مهرجان أميان السينمائي الدولي عن فيلم «المصير» عام 1997
** الإنجاز العام من مهرجان كان السينمائي عن فيلم «المصير» عام 1997
** فرنسوا كالية من مهرجان كان السينمائي عن فيلم «الآخر» عام 1999
** اليونيسكو من مهرجان فينيسيا السينمائي عن فيلم «11/9/2001» عام 2003
آراؤه السياسية و الاجتماعية
كان ليوسف شاهين آراء سياسية و اجتماعية واضحة، ففي الفترة بين 1964 و
1968 عمل يوسف شاهين خارج مصر بسبب خلافاته مع رموز النظام المصري، و قد
عاد إلى مصر بوساطة من عبد الرحمن الشرقاوي.
كما
كان شاهين معارضا للرئيس حسني مبارك، وكذلك لجماعات ما يسمى "الإسلام
السياسي" .. كما تتضح اراءه في عدد كبير من أفلامه كفيلم "باب الحديد"
الذي صدم الجماهير بتقديمه صورة محببة للمراة العاهرة، و فيلم "العصفور"
سنة 1973 الذي كان يشير إلى أن سبب الهزيمة في حرب 1967 يكمن في الفساد في
البلد. كما أثار فيلم المهاجر عام 1994 غضب الأصوليين لانه تناول قصة
سيدنا يوسف ابن يعقوب عليهما السلام.
كما
تنوعت أفلام شاهين في مواضيعها فمن أفلام الصراع الطبقي مثل فيلم صراع في
الوادي - الأرض - عودة الابن الضال - إلى أفلام الصراع الوطني والاجتماعي
مثل - جميلة - وداعاً بونابرت - إلى سينما التحليل النفسي المرتبط ببعد
اجتماعي مثل - باب الحديد - الاختيار - فجر يوم جديد.
أقوالة المأثورة
*** حين
أستعرض مشواري مع السينما المصرية بكل سلبياته وإيجابياته.. وبكل ما قدمت
من إضافات وبكل ما حصلت عليه من عذابات.. أستطيع القول إنني أخذت من
السينما بقدر ما أعطيتها، وأن رحلتي مع السينما المصرية كانت تستحق كل ما
قدمته من أجلها.
*** إذا أردنا أن نعرف الفنان الملتزم فهو الذي يتقبل مسؤوليات اختياره بسلبياته وإيجابياته.
قائـــمة اعمال يوسف شاهين
بابا
أمين (1950): بطولة فاتن حمامة وحسين رياض وكمال الشناوي وماري منيب وفريد
شوقي وهند رستم . وهو أول أفلام يوسف شاهين (أخرجه ولم يكن عمره يتجاوز
الـ24 عامًا)، وقد اعتمد على الفانتازيا التي كانت غريبة على السينما
المصرية، حيث يصور الفيلم حياة شخص بعد الموت.
ابن النيل (1951)
المهرج الكبير (1952)
سيدة القطار (1952)
نساء بلا رجال (1953)
صراع في الوادي (1954)
شيطان الصحراء (1954)
صراع في الميناء (1956)
ودعت حبك (1957)
انت حبيبي (1957)
جميلة بوحيرد (1958)
باب الحديد (1958)
حب إلى الأبد (1959)
بين يديك (1960)
رجل في حياتي (1961)
نداء العشاق (1961)
الناصر صلاح الدين (1963)
فجر يوم جديد (1964)
بياع الخواتم (1965)
رمال من ذهب (1966)
الناس والنيل (1968)
الأرض (1969)
الاختيار (1970)
العصفور (1972)
عودة الابن الضال (1976)
إسكندرية... ليه؟ (1978)
حدوتة مصرية (1982)
وداعاً بونابارت (1985)
اليوم السادس (1986)
إسكندرية كمان وكمان (1990)
المهاجر (1994)
المصير (1997)
الآخر (1999)
سكوت حنصور (2001)
إسكندرية - نيويورك (2004)
هي فوضى (2007)
كما أخرج يوسف شاهين ستة أفلام قصيرة هي:عيد الميرون (1967)
سلوى (1972)
الانطلاق (1974)
القاهرة منورة بأهلها (1991)
11/9/2001 (2002)
لكل سينماه (2007)
أخر اعمال يوسف شاهين
فيلم سينمائي مصري يتناول موضوع الفساد في مصر، وتجاوزات الشرطة المصرية،
الفيلم من كتابة ناصر عبد الرحمن ومن إخراج يوسف شاهين وخالد يوسف. يعتبر
الفيلم آخر الأفلام التي أخرجها المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، حيث
شاركه في إخراجه تلميذه المخرج خالد يوسف .
جاء
الفيلم (و هو إنتاج مصري فرنسى مشترك، كعادة يوسف شاهين فى أفلامه) كختام
لرحلة المخرج المصري يوسف شاهين كثائر ظل مهموماً بقضايا وطنه، حيث جسد
الفيلم بانورما جامعة لصور الفساد و الفوضى التي يعيشيها المجتمع المصري
فى العقد الأول من الألفية الثالثة، كما مثل مصر فى مهرجان فينيسا لعام
2008.
تدور أحداث الفيلم
في الزمن الحالي ويروي قصة تدور بشكل أساسى حول شخصية واحدة، كما يبرز
الفيلم الفساد المتجسد في القمع المباشر والرشوة والمحسوبية وتزوير
الانتخابات والسيطرة الغاشمة للسلطة والكبت الجنسي. كما يبرز الفيلم نوعا
من المقاومة وصولا إلى ثورة جماعية في النهاية.
نهـــاية يــوسف شــاهين
في مساء يوم 15 يونيو 2008، أُصيب يوسف شاهين بنزيف متكرر بالمخ، وفي 16
يونيو 2008 دخل يوسف شاهين في غيبوبة وأدخل إلى مستشفى الشروق بالقاهرة.
طالب خالد يوسف الذي أخرج مع شاهين فيلم "هي فوضى..؟" باستئجار طائرة خاصة
لنقل شاهين إلى فرنسا أو بريطانيا لتلقي العلاج.، ولاحقا في ذلك اليوم نقل
شاهين علي متن طائرة إسعافات ألمانية خاصة إلي باريس، حيث تم إدخاله إلي
المستشفي الأمريكي بالعاصمة الفرنسية، و لكن صعوبة وضعه حتمت عليه الرجوع
إلى مصر .
توفي
يوسف شاهين عن 82 عاما في الساعة الثالثة فجر يوم الأحد 27 يوليو 2008
بمستشفى المعادى للقوات المسلحة بالقاهرة، بعد دخوله في حالة غيبوبة لأكثر
من ستة اسابيع ، وأقيم له قداس في كاتدرائية القيامة ببطريركية الروم
الكاثوليك بمنطقة العباسية بالقاهرة ودفن جثمانه في مقابر الروم الكاثوليك
بالشاطبي في مدينته الإسكندرية التي عشقها وخلدها في عدد من أفلامه ،
وأقيم العزاء يوم 29 يوليو في مدينة السينما بالقاهرة. و قد نعاه قصرا
الرئاسة في مصر وفرنسا حيث وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالمدافع
عن الحريات.
الإثنين مارس 02, 2015 1:18 am من طرف الشامخ الكثيري
» دعــــاء
الأحد يناير 04, 2015 4:37 pm من طرف ريتاج
» شرح كيفيه دخول رومات الشات عن طريق برنامج النمبز nimbuzz من جهاز الكمبيوتر
الجمعة أكتوبر 12, 2012 7:01 am من طرف زمن المصالح
» توقف القلم
الخميس ديسمبر 22, 2011 1:26 pm من طرف دمعة فرح
» معلــــومه+صورة لنتشارك
الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 8:47 pm من طرف دمعة فرح
» رحيلك ياأمي
الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 6:41 am من طرف دمعة فرح
» اهنيكم بعيدنا الفطر السعيد
الثلاثاء أغسطس 30, 2011 9:43 am من طرف دمعة فرح
» حنظله غسيل الملائكه رضى الله عنه
الثلاثاء يوليو 19, 2011 5:28 pm من طرف دمعة فرح
» اي نوع قلمك ؟؟؟
الخميس يونيو 09, 2011 1:53 pm من طرف دمعة فرح
» ترويض الكلب ( قصيرة )
الإثنين مايو 30, 2011 6:56 am من طرف ماهر طلبه