ღ منتديات همس المشاعر ღ

اهلا وسهلا بكم في منتديات همس المشاعر

دعوة للإنضمام لأسرتنا

عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا ..


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ღ منتديات همس المشاعر ღ

اهلا وسهلا بكم في منتديات همس المشاعر

دعوة للإنضمام لأسرتنا

عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا ..

ღ منتديات همس المشاعر ღ

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ღ منتديات همس المشاعر ღ

ღ همس المشاعر يرحب بكل عابر ويستضيف كل زائر ღ فهلم وسجل ياشاطر ღ وشارك بكل جديد ونادر ღ واتحفنا بالأفكار والخواطر ღ


أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970
آخر عضو مسجل haykel layouni فمرحبا به



    أتصمت العصافير ؟؟؟؟؟

    همسة احساس
    همسة احساس
    نائب المدير العام

    نائب المدير العام


    أتصمت العصافير ؟؟؟؟؟ 25-171
    الحمل سورية
    أتصمت العصافير ؟؟؟؟؟ 141010
    عدد المساهمات عدد المساهمات : 1727
    تاريخ التسجيل : 20/03/2010

    أتصمت العصافير ؟؟؟؟؟ Empty أتصمت العصافير ؟؟؟؟؟

    مُساهمة من طرف همسة احساس الإثنين مايو 03, 2010 11:52 pm

    أنا لا أتعاطى الكتابة و لست محترف كلمة ، و ما سأرويه لكم
    هو الذي كتبني على مر السنين ، وشم كلماته في ، فأنا أقرأها عليكم موشومة
    في الذاكرة و الروح بالإبر و الكحل المسحوق ، بالدم المسفوح.

    لست أدري على ماذا تقبض أصابع يدي الآن ؟يختفي هذا الوجه
    النبيل الذي طالما تطلعت إليه مفتونا حينا وحزينا أحيانا . يطل الآن وجه
    غابت ملامحه ، وجه مطموس لم يبق منه سوى الإطار الذهبي للنظارة الطبية ،
    وشعر أبيض يطل عند الأذنين و الجبين .

    تلكم هي "فطوم « الظهر المحدودب تركبني فوقه وتقف أمام الشويهات تدندن بكلام لا أذكر منه إلا النغم الحزين.
    لم أنس المناوشات التي كانت بيننا ، أجذب منديلها و أنا
    فوق ظهرها ، فينكشف شعرها الأبيض فأغرز فيه أصابعي مقهقها ، تنزلي عن
    ظهرها ضاربة إياي على مؤخرتي .

    -أيها الشقي ، خذ العصا و اذهب أدر تلك النعجة المجنونة .
    آخذ منها العصا راكضا نحو النعجة ، وتبقى هي تصلح شعرها و
    منديلها . و أعود لاهثا فتقبلني على وجهي وقد أحنت لي ظهرها المحدودب
    لأمتطيه .

    ولزمت الفراش ذات عشية فخرجت مع جدي مسعود بالغنم ، وعندما
    عدنا مساء كنا قد تأخرنا ، حتى إن أنوار المدينة كانت قد أوقدت فتلألأت من
    بعيد كالنجوم تبعث في الوحشة و الغموض .

    أدخلنا الغنم إلى زريبتها ، وكان جدي مسعود ينادي عليها فلم تكن ترد عليه ، دخلنا البيت فكانت ما تزال نائمة وقد عم الظلام المكان .
    أوقد جدي مصباح البترول ثم دنا منها ، وضع يده على أنفها ، ثم على معصمها .وفي صمت غطى وجهها ورفع إلي وجها شاحبا .
    -لقد ماتت وحيدة .
    بقيت واقفا في الركن أنظر تارة إليه و إليها تارة أخرى .لم
    أكن أعي تماما الذي حدث ، لكني كنت أحس أن شيئا غريبا قد حصل ،ثم رأيت جدي
    يجلس عند رأسها وقد وضع خديه على يديه ، ولما رفع رأسه كنت أجلس عند
    ركبتيه في حيرة . ربت على رأسي وقد أبصرت في عينيه دمعتين سارع إلى مسحهما
    .واندهشت: كيف جدي يبكي ؟!

    قام في حزم فتناول إناء وخرج إلى زريبة الغنم ، ووجدت نفسي وحيدا مع جدتي ، دنوت منها وكشفت عن وجهها ، ناديتها هامسا
    -جدتي ،جدتي ...
    وكأن الغرفة رددت صوتي فبدا لي غريب الجرس كأنه ليس بصوتي
    ، ثم وضعت يدي على أنفها كما فعل جدي فكان صلبا باردا كالثلج ، رددت عليها
    الغطاء وعدت إلى مكاني منكمشا .

    ركبني خوف غامض ، أحسست أن جدتي تحولت إلى شيء غريب لا تربطني به علاقة ...
    دخل جدي و الإناء في يديه يقطر بحليب الغنم و قد شحب وجهه
    أكثر . قصد الموقد الغازي في أقصى الحجرة و راح يعد الحليب .كان الصمت
    يزيدني خوفا ، و ضوء المصباح الشاحب أحال موجودات البيت أمامي أشباحا .

    قلت و أنا ألتصق بجدي :
    - من الذي موت جدتي ؟
    - ذهبت إلى ربها ، و كلنا يذهب يوما إلى هناك .
    لم أستوعب ما قال ، كانت ما تزال ممدة في فراشها ، فكيف يقول ذهبت ؟ ولم أشأ السؤال ، كان صوته مخيفا .
    ناولني كأس الحليب و كسرة خمير .
    - تناول عشاءك لتقوم و تنام .
    و بينما كنت أتعشى كان هو يعد لي فراشي . و قادني من يدي .
    - ادخل فراشك ، سآتي بعد قليل أنام إلى جوارك .
    وكنت أنظر إليه من تحت الغطاء ، فكان قابعا عند رأسها يبكي
    في صمت . ولا أظن أنه نام تلك الليلة ، فقد أفقت في الصباح على لغطه حيث
    كان يعيد ترتيب البيت .كان منهمكا في عمله فلم ينتبه إلي حين تسللت إلى
    الخارج ووقفت في الساحة أنظر إلى السماء ، هناك يسكن الله كما قالت لي
    جدتي ذات مرة . واحترت كيف تذهب إليه جدتي ؟ أي سلم عملاق ذاك الذي يبلغ
    السماء ؟ و قررت بيني وبين نفسي أنني لن أذهب إلى هناك، أفضل أن أبقى في
    الأرض .

    و تحولت إلى الزريبة ، فاجتزت السياج الذي نسجه جدي بالقصب
    ليفصل بين الساحة و الجدول . غسلت وجهي بمائه ثم تبولت على جذع الشجرة كما
    يفعل كلبنا "سحاب » و عدت إلى جدي.

    وجدته أنهى ترتيب البيت ، و قد غطى جدتي بإزار أبيض نظيف ،
    و شرع في إعداد القهوة . أشربني قهوتي و لف في مهل سيجارة أوقدها من نار
    الموقد ، و غرق لحظات طويلة مع القهوة و السيجارة حتى ظننت أنه هو الآخر
    يريد أن يذهب إلى ربه فقلت :

    - جدي بماذا نصعد إلى الله ؟
    فنظر في وقال كأنما يخاطب شخصا غيري:
    - بيد عزرائيل.
    ثم قام فجمع أدوات القهوة نظر إلي نظرته الخاصة حين يريد مني شيئا .
    - سعد ، سيقصد بيتنا اليوم الناس ولا يليق بك أن تبقى هنا ، فاخرج بالغنم إلى مرج عيطر .
    و أطعته :
    - نعم يا جدي .
    مسح على رأسي و ناولني العصا ، وسقت الغنم يتبعني كلبنا "سحاب" . و لم أفهم لماذا لا يليق بي البقاء هناك ، فرحت أرقب البيت من بعيد.
    كان القوم يفدون فرادى و جماعات ، وبعض النسوة كلما دخلت
    إحداهن البيت ارتفع إلي النشيج و النواح . ثم رأيت بعضهم يتجه إلى المقبرة
    . ولما ارتفعت الشمس انتصب خط بين البيت و المقبرة لا ينقطع من رائح و غاد
    .

    وكان شيء ما يحز في نفسي ، أحسست أن نهار اليوم له طعم خاص
    ، كأنه عرس وليس بعرس ، فيوم ختاني هكذا حصل لبيتنا ، حركة و ناس و نساء ،
    لكن مذاق اليوم كئيب ، حتى الغنم بدت عليها حال من الوجوم فكانت ترعى
    هادئة ، ومنها التي نامت تجتر في سكون .

    حين توسطت الشمس السماء اشتد النواح في البيت ، ارتفع إلي
    النشيج فبلغ مسامعي متسقا منسجما كأنه هزيج ، فتحرك في أعماقي البكاء ،
    ورأيت القوم يخرجون يحملون شيئا يشبه السلم وضعوا عليه جدتي و قد غطوها
    بحائك أحمر و مشوا صوب المقبرة .

    كان "سحاب " إلى جواري ينظر معي اتجاه الموكب .وحين اختفوا
    عن ناظري أدركت أني حرمت ركوب الظهر المحدودب إلى الأبد ، و أن جدتي ستصعد
    إلى السماء ، فهم حملوها على السلم لتصعد به.

    عند الأصيل سقت الغنم إلى الزريبة و إحساس عميق من الحزن
    يقبض مجامع قلبي . وجدت القوم غادروا بيتنا إلا رجلا يبدو عليه أنه من أهل
    المدينة ، حاسر الرأس يمشط شعره إلى فوق ، يتحدث مع جدي و يداه تلعبان في
    جيبه بالنقود.

    سمعت جدي يقول له :
    - كثر الله خيرك يا سي السعيد سنتحدث عن هذا فيما بعد.
    و كان الرجر لايصرف نظره عني . عندما استأذن و انصرف وجدت
    نفسي مع جدي وحيدين فوق الدكة . كنت أشعر بالجوع ، و هممت بالدخول إلى
    البيت ثم تذكرت أني سأجده خاليا من جدتي ففضلت البقاء إلى جوار جدي و أن
    أغرق معه في صمته ، غير أنه التفت إلي و همهم :

    - هه، ياسعد .
    - جدتي ، لماذا ذهبت إلى ربها ؟ من الذي يعد لنا الطعام ؟ من الذي يغسل لنا الثياب ؟ من الذي يحلب الغنم ؟
    و أحسست بغضب مفاجئ و قد تكورت غصة كبيرة في حلقي :
    - ومع من ألعب أنا ؟
    و بكيت ، سالت دموعي غزيرة ، الدموع التي كانت تتجمع منذ
    الصبح انسكبت تلك الحظة كالأنهار .ضمني جدي إلى صدره الواسع المليء بالشعر
    الأبيض و ردد:

    - لا تبك ، أنا الذي أعد لك الطعام و أغسل لك الثياب ، أنا الذي تلعب معه .
    و بقيت لحظات أشهق في حضنه ، ولم أكن أحس بالآمان ، هيهات
    أن أحس ذلك ، ضاعت جدتي ، وربما أحس جدي مثلي ، فلقد كانت لحيته ترتعد فوق
    رأسي .

    وكان المساء ظلاما في قلبي.
    ...........................................

    وظلت صورة جدتي محمولة على الأكتاف ، مغطاة بالحائك الاحمر، لاتبرح عيني ،وجهها وقد تصلب ، صوتي الذي رددته جدران البيت ...
    في الليل كنت ألتصق بظهر جدي ، أخاف أن تدخل علي جدتي بحائكها الأحمر و عينينها المطفأتين .
    وكانت حسرة عارمة في قلبي ، كيف تحولت جدتي - نبع الحنان الدافق- إلى ذلك الكائن المرعب ؟
    لم أطلع جدي على مخاوفي ، كان سينهرني لأن الرجل لا يخاف ، و أنا رجل في نظره.
    كنت أخاف الليل ، أخاف الذئاب حين تتعاوى و تتنادى، أخاف نباح كلبنا "سحاب" حين يتغير صوته بالليل .
    وكان جدي يحاول أن يصنع مني بطلا ، كان يقسو علي من غير
    هوادة ، يعلمني كيف أغسل ثيابي و كيف أخيطها ، كيف أعد الدراهم ، كيف أكون
    حذرا إذا ما نبح « سحاب " في الليل، فأخرج ولو مرة واحدة أتفقد الغنم .

    كان يأخذني معه إلى السوق ، ندورفي رحبة الغنم ، يغرز أصابعه الخشنة في ظهر الكبش ، ثم يساوم البائع في غلاظة :
    - كم أعطوك في هذا ؟
    - خمسين .
    - بع ، ستحمى الشمس و تنفض السوق .
    و أتساءل مع نفسي ، ما دخل جدي في الرجل ؟
    و يلتفت إلي :
    - الغنم غالية اليوم يا سي سعد ، السوق القادم نأتي بالكباش .
    نشتري مؤونة أسبوع من قهوة و سكر و زيت و غيرها ، ثم نعرج
    على مقهى متطرفة ، فيجلس جدي إلى أناس لا أعرف منهم إلا سي السعيد الذي
    بقي مع جدي إلى المساء يوم موت جدتي . يتحدثون ساعة ثم يستأذن جدي ونعود
    إلى البيت على البغلة الشهباء ، نخرجها من الإصطبل العمومي محملة بأغراض
    الأسبوع ، يردفني خلفه و ينخرط في حديث متشعب مع جماعة المتسوقين يقطعون
    به الطريق ، و أنشغل أنا بعد أعمدة الهاتف المتسلسلة مأخوذا بحفيف الأسلاك
    و بتلك الفناجين المرصوصة في رؤوس الأعمدة !! من يشرب بها القهوة ؟

    حتى إذا وصلنا كانت المسافة التي قطعناها قد أنهكت قواي فيعفيني جدي يومها من مشاركته أشغاله.
    وكانت الأيام الأخرى تتكرر، أخرج بالغنم صباحا مع "سحاب "
    إلى المرج ، ويبقى جدي يعمل بالبستان ، أو يكنس الزريبة ، و يعد الغداء .
    حتى إذا انتصف النهار جاءني يسوق معي الغنم إلى الزريبة.

    كانت الأيام بلا طعم ، في المرج مع الغنم تنقبض روحي ،
    يزيدها انقباضا مشهد الغربان تحوم على مقربة مني ، ثم تحط بعيدا على هضبة
    جرداء .

    كنت أكره الغراب ، أود لو أمسك يوما غرابا فأحرقه ،إذ كان
    يخيل إلي أن الغراب كائن شرير ، و أنه حين ينعب إنما يريد أن يقول شيئا ما
    ، شيئا لا أعرفه بالتحديد ، ولكنه شيء كريه لا يطاق .

    و سألت جدي مرة :
    - ما الذي يقوله الغراب عندما ينعب ؟
    فتذمر قائلا:
    - وهل أنا سيدنا سليمان حتى أفهم لغة الطبر ؟
    ثم أمسكني من أذني :
    - اسمع أيها الأحمق ، دع عنك الأسئلة الفارغة ، اسألني عن
    الأمور الهامة ، عن القيمة التي يبلغها الكبش في السوق القادم مثلا ، عن
    الأنسب ، بيع الكباش أم النعاج ؟ حدثني حديث الكبار يا سعد.

    و لما أرخى أصبعه كان ظفره قد انغرز في لحمة أذني ، تدفق الدم غزيرا فاندهشت ولم أبك .
    ابتسم و قال في زهو :
    - هكذا أريدك شجاعا ، اذهب اغسل أذنك.
    كان جدي يقتل في طفولتي بمطرقة من خشب ، تماما كما يفعل
    بالعجل عندما يقتل فحولته كي يغدو ثورا . و مع ذلك كنت أحبه ، لم يكن في
    وسعي إلا أن أحبه ، كان الإنسان الوحيد في حياتي ، لم أكن أعرف من العالم
    إلا جدي و "سحاب" و الغنم .

    كانت المدينة القريبة منا عالما مستغلقا لا أدخله إلا أيام
    السبت مع جدي . أما القرية المتوسدة سفح الجبل فكانت لي دائرة غامضة ، أرى
    فيها أطفالا يتسلقون الشجر يصيدون أفراخ العصافير ، ولم أكن أقترب منهم .
    كان البيت المبتدأ و المرج المنتهى ، بينهما الجدول و بستان جدي .

    كانت القرية تجذبني بسحرها ، بأطفالها ، بضبابها الفضي و
    خضرتها الداكنة ، أهيم وجدا إذا أصبح الضباب يلف القرية بغلالته الشفافة ،
    تأخذني نشوة غامضة فأود لو يخلق لي الله جناحين فأطير مع العصافير أحوم
    حول القرية ، فوق المدينة . كنت أحب العصافير ، أتخيلهم ملائكة الجنة التي
    حدثتني عنهم جدتي فطوم إذ قالت لي بأن للملائكة أجنحة مثل العصافير ،
    فأثارت في حبا مبهما للطير .

    كان جدي يتضايق من وقوفي الطويل صباحا أمام الجدول مستقبلا القرية فيصيح بي :
    - دع عنك الخمول ، يجب أن تكون شاطرا ، أن تكون كالمقص في يد الحلاق الماهر.
    كان قاسيا معي مثل المحراث ، مثل يديه المشققتين .
    وتذكرت وعده لي عشية الرجوع من دفن جدتي بأنه سيكون الذي ألعب معه فامتلأت ثورة على إخلافه الوعد .
    كان عالمي موحشا ، و بروحي انقباض ، وبالغ جدي في قسوته
    حتى كدت أتخيله الرجل الشرير الذي يمكن أن يكونه الغراب . ربما أخفى وراء
    قسوته رحمة و حنانا ، لكن المؤكد عندي أن الأمان ضاع منذ أن غاب الظهر
    المحدودب إلى الأبد.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت سبتمبر 21, 2024 3:45 pm